كن مرآة أخيك
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( المسلم مرآة المسلم )
و عندما قرأت هذا الحديث الشريف و بحثت في تفسيره و ما قيل حوله فهمت المعنى الرائع و السامي لهذا الحديث الشريف العظيم
إخوتي الأفاضل :
لهذا الحديث عدة وجوه و معاني و كي أوضح لكم أكثر دعونا نتكلم قليلاً عن عالم المرايا
فالمرآة هي انعكاس لصورتك أمام عينيك و المؤكد أنها تظهر كل تفاصيلك الخارجية بدقة فهي تظهر محاسنك و مساوئك بنفس الوقت و لا يمكن أن تعكس المرآة محاسنك فقط أو مساوئك فقط
و من هذا المعنى تبنى العلاقة السليمة بين المسلم و أخيه المسلم أو حتى غير المسلم إن كان صالحا و مخلصا و صديقا
و بالتالي يمكننا أن نسحب الفكرة على العلاقة بين الأصدقاء أيضا
أولا عندما ينظر المسلم إلى أخيه المسلم يتخذ من أخلاقه دليلاً و يتعامل معه على حسب ما يراه منه
فإن كان مخلصاً أخلص له و إن كان محباً أحبه و العكس صحيح
لكن عندما يخطئ أحد الصديقين فالآخر سيرى الخطأ و هو عندها مطالب بتنبيه أخيه و نصحه بأسلوب مناسب و ليس من الصواب أن يرى الخطأ و يسكت
فسر خيرية أمتنا هو الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر طبعا بأساليب مناسبة و متدرجة و متوازنة
و كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما فاستغرب الصحابة من هذا و قالوا : ننصر أخانا مظلوماً لكن كيف ننصره ظالما ؟
فقال : بأن تردوه عن ظلمه
و هذه أول فوائد المرآة و هي أنها تكشف الخطأ مباشرة فعندما تنظر إلى صورة وجهك في المرآة ستكشف كل خطأ ممكن كبقعة ما أو شعرة أو لطخة في وجهك
و هكذا يجب أن يكون المسلم مرآة يرى فيها أخوه معايبه و يصححها
لكن من صفات المرآة أنها تعكس لك صورة صامتة و لهذا فيجب عليك أن تنصح أخاك بينك و بينه و دون أن تفضحه أو تحرجه و للأسف لا نجد الكثيرين يتقيدون بتلك المسألة فنجد أنهم ينصحون جهرا مباشرة و بطريقة فاضحة و محرجة و على الملأ و هذا ليس من صفات المسلم أبدا فمن فضح مسلما فضحه الله
إذا فلتكن نصيحتك محترمة و هادئة بحيث لا تجرح و لا تحرج أخاك و لا تفضحه و استره كي يسترك الله
و كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة
و من صفات المرايا أيضاً أنها تظهر المحاسن و المعايب لكن الناس يركزون أكثر على المعايب و هذا ليس أمراً سليما بين الأصدقاء
فمعظم الناس يبحثون عن معايب غيرهم و يتجاهلون محاسنهم
فعندما يخلص لك صديقك و يمنحك كل محبته و يقدم لك خدمات كثيرة و ترى منه الكثير من الصفات الحسنة و لكن عندما يخطئ مرة واحدة تنسى كل حسناته و لا تتذكر إلا إساءته
و هذه لقطة اجتماعية في غاية الخطورة فلماذا يسعى الناس لنشر معايب غيرهم و لا ينشرون محاسنهم
لقد استعاذ نبينا الكريم محمد صلى الله عليه و سلم من جار سوء إذا رأى من جاره خيراً أخفاه و إن رأى منه شراً أو عيباً أذاع به
و ليتنا نخبر الناس بمحاسن أصدقائنا بجل أن ننشر معايبهم و عندها ستسود المحبة بين أبناء المجتمع و الأمة
و لو انتظرنا كل إنسان على غلطة فلن نجد لنا صديقاً واحدا فكلنا بشر و لا أحد فينا كامل بلا أخطاء
و كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته
و من صفات المرايا أيضا أنها لا تعكس صورة للنفس و النوايا بل تظهر صورة للخارج فقط
و لهذا فلا تحاول أن تبحث عن مكنون النفوس و النوايا و تعامل مع صديقك بما تراه منه و بطريقة تعامله معك و لا علاقة لك بنواياه و أسراره الداخلية و لا تقحم نفسك بخصوصياته و لا تسأله عن ما يفكر به
فلا يعلم ما في النفوس إلا الله
و هكذا توضح كاملا معنى الحديث الرائع ( المسلم مرآة المسلم )
و دعونا نجعله أساس التعامل بيننا كمسلمين أو حتى كأصدقاء
و لننصح أخانا بحكمة و لنركز على محاسنه بدلا من البحث عن عيوبه و لنبتعد عن التفكير في مكنوناته و نواياه